الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات أحلام مستغانمي تكتب عن ليبيا...

نشر في  24 أوت 2015  (18:04)

نشرت الروائية الجزائرية احلام مستغانمي في صفحتها الخاصة نصا مؤثرا حول ليبياهذا ما جاء فيه:

: “ما التقيتُ ليبيًّا إلا وشعرتُ أنّ له قرابة بي. ما زلت أحتفظ بجواز السفر اللّيبي، الذي منحته السلطات الليبيّة لأبي في الخمسينات، عندما غادر الجزائر منفيًّا بعد اعتقاله من قبل الفرنسيّين ، لحاجته كما رفاقه آنذاك إلى وثيقة سفر لتمثيل الثورة الجزائريّة في المحافل الدوليّة.

تربّيتُ على حبّ ليبيا، وامتنان أبي لكرمها في مساندة ثوّرتنا ، أمّا كرم شعبها فقد خبرته في السبعينات، حين تعرّفت أمي على سيدة ليبيّة تزور الجزائر لأول مرّة برفقة زوجها، وأصرّ أبي على إقامتهما في بيتنا ، فخلعت السيّدة من يدها خاتما ثميناً و قدّمته لأمّي، و ما تركتنا إلّا بعد أن أهدتنا نصف ما في حقيبتها، وواصل زوجها الذي أذكر أنّ اسمه محمود المغربي إرسال الهدايا لنا من ليبيا على مدى سنوات .

يروي الكثير، بمن فيهم أهل الخليج، أنّهم كانوا في الستينات يقصدون ليبيا للعلاج، لما كان لمستشفياتها من سمعة حسنة، بينما كان همّ الليبييّن على مدى عقود البحث عن وجهة يتعالجون فيها ، لكن داءهم كان أكبر من أن يسعفه الطبّ .

ليبيا الحبيبة، التي مرضاها وجرحاها يفترشون الأرض، ويُخطفون في سيارات اسعاف يقودها المرتزقة. وزهدنا في مباهج حياتنا، لفرط ما رافقنا أبناءها إلى مقابر فاضت بجثامينهم .

ليبيا الأبيّة ما كانت يوما قصيّة، ما من رصاصة عبرتها إلاّ وتلقّتها صدورنا وما قُصف بيت فيها إلاّ وكناّ من ساكنيه. ها قد أصبحنا نعرف أسماء قبائلها، ومواقع مدنها، بعدما سال دمها على شاشات تلفازنا، وكنّا قبلها نخاله دماً مجراه دورتنا الدمويّة ونظنّها بلداً لا يوجد إلّا على خريطة القلب”..